**الجزيرة في النهر** (قصة غامضة)

"لن أذهب إلى الجزيرة. لا تطلب مني ذلك حتى! هل تريد اللعب مع القدر؟ تذكر، قبل بضع سنوات، اختفى هناك بعض الصيادين. لم يتم العثور عليهم حتى الآن"، قال فوفا وهو يرتجف قليلاً، ممسكًا بعجلة القيادة بقوة.


**الجزيرة في النهر** (قصة غامضة)



جلس ستاس في المقعد المجاور بصمت وهو يشعر بالذنب. كان قد أخفى وجهتهم النهائية حتى اللحظة الأخيرة، قائلًا إنها ستكون رحلة صيد مع مفاجأة. وتلك المفاجأة كانت جزيرة تقع في وسط النهر بين الضفاف.


"حسنًا"، قال ستاس محاولاً تجنب الشجار، "كنت أعتقد أنها ستكون ليست مجرد رحلة صيد، بل مغامرة... انظر، قف هنا قليلاً. هذا آخر متجر على الطريق. نحتاج إلى شراء بعض المياه، وسنسأل السكان المحليين عن الجزيرة".


بعد أن اشتروا كل ما يحتاجونه، سأل فوفا البائعة.


"هل يقول الناس إن الصيد هنا جيد؟ أعني على الجزيرة في وسط النهر!"


نظرت البائعة إليهم بقلق وقالت: "الأفضل أن تبقوا على الضفة... لا تذهبوا إلى الجزيرة."


"لماذا؟" سأل الاثنان معًا.


"تلك الجزيرة كانت سجنًا لشابٍ صغير. لا أعرف متى بالضبط، ربما مئات السنين الماضية، كان هناك قرية على الضفة الأخرى من النهر. وكان هناك فتى يسرق من أهل القرية بسبب الجوع. قرروا أن يعاقبوه بشدة، فأخذوه إلى الجزيرة، وتركوا له بعض الطعام والماء وغادروا. كان يصرخ لهم وهو يبكي ويلعن، ويتوسل إليهم ليعيدوه، قائلاً إنه لن يتمكن من البقاء على قيد الحياة هناك.


عادوا بعد أسبوع، ولكن لم يجدوه. لم يمس الطعام أو الماء، ولم يشعل حتى النار. اعتقدوا أنه ربما غرق أثناء السباحة أو انتحر من الحزن. وبعد فترة، شاهد بعض الصيادين ذلك الفتى، كان يقفز على الجزيرة وينادي عليهم. 


جمع الصيادون كل أهل القرية على الضفة وذهبوا إلى الجزيرة. وعندما اقتربوا، ظهر ضباب كثيف من العدم، مثل جدار أبيض عازل! لم يستطيعوا رؤية الماء ولا القوارب ولا حتى الجزيرة. وبمجرد أن اختفى الضباب، لم يكن هناك أثر للصيادين أو الفتى. 


القصص المخيفة هذه انتقلت عبر الأجيال، وحتى الصيادين المحليين في وقتنا لاحظوا أشياء غريبة. ظلال، أصوات غامضة، ضباب يظهر فجأة... الناس يخافون من الجزيرة. قبل سنتين، ذهب بعض السياح إلى هناك، ولم يعودوا حتى اليوم."


قال فوفا وهو يهز رأسه: "يا له من مكان مخيف... لكننا لن نذهب إلى الجزيرة. سنبقى على الضفة! شكرًا لك!"


عندما وصل الأصدقاء إلى النهر وجهزوا أغراضهم، أخرج ستاس المنظار وقال: "لن يستغرق الأمر سوى 20 دقيقة للوصول إلى هناك. دعنا نلقي نظرة فقط، حسنًا؟"


أجابه فوفا متجاهلاً الاقتراح: "دعنا نأكل شيئًا، وعلينا أن ننام مبكرًا حتى لا نفوت صيد الصباح!"


***


تفحص ستاس القارب القابل للنفخ قائلاً: "القارب جيد! به رقعة صغيرة على الجانب، لكن لا بأس. هيا، اصعد! السمك كله سيكون لنا!"


ابتعد الأصدقاء قليلاً عن الضفة، وألقوا سناراتهم بينما كانوا يستمتعون بالهدوء. بدأت البعوض تهاجمهم، وكان صوتها حادًا للغاية حتى أنه غطى على أصوات الطيور.


بعد فترة، بدأوا يشعرون بالإحباط. كانت العوامات تتحرك بهدوء على سطح الماء، ولكن لم يكن هناك أي سمك. وضع ستاس السنارة وأمسك بالمجاذيف.


"دعنا نذهب أبعد قليلاً"، قال وهو ينظر نحو الجزيرة.


بدا وكأنه يتعمد التجديف نحوها.


كانت الجزيرة قطعة صغيرة من الأرض، ممتدة على طول مجرى النهر، بشواطئ رملية مائلة، مظللة بالأشجار في الداخل، وتبدو مشرقة على الحواف. كانت أشبه بجنة صغيرة.


فجأة، بدأ الضباب يظهر من جهة الجزيرة، مثل أيادٍ بيضاء عملاقة تتقدم نحوهم.


"لنعود! بسرعة! لقد طلبت منك ألا نقترب أكثر من اللازم"، صرخ فوفا بذعر.


كان الضباب يتجه نحوهم بسرعة هائلة. حاول فوفا حبس أنفاسه بشكل غريزي. سرعان ما غطى الضباب كل شيء حولهم. أصبح الهواء ثقيلاً.


"ما هذا؟" صرخ ستاس وهو يجدف بشدة، "هل رأيت كيف غطانا الضباب بهذه السرعة؟"


كان صوت ستاس يتردد كأنه يرتد عن جدران غير مرئية. حاول الأصدقاء التجديف بسرعة للعودة إلى الضفة.


فجأة، برزت أمامهم صخور عملاقة من خلال الضباب الأبيض.


"لقد وصلنا! شكرًا لله!" صرخ فوفا وهو يقفز من القارب.


عندما سحب ستاس القارب إلى الشاطئ، كان الضباب قد غطى كل شيء من حولهم. لم يعد بالإمكان معرفة الاتجاه الذي يؤدي إلى خيمتهم.


قال ستاس باعتذار: "علينا الانتظار حتى ينقشع الضباب."


جلس الأصدقاء على الشاطئ لأكثر من نصف ساعة، لكن الضباب لم يتحرك. كان يغطي الماء والأشجار بشكل كثيف، حتى أن السماء الرمادية امتزجت بالأفق، وكأنها انخفضت وضغطت على الأرض.


قال فوفا: "لنمشي على طول الشاطئ باتجاه اليمين. أظنني رأيت هذه الصخور أمس، واعتقدت أنها ستكون مكانًا مناسبًا لوضع الخيمة. هيا، أحضر حقيبتك، سنعود لاحقًا للقارب."


بدأ الأصدقاء في السير على الشاطئ، ومع كل خطوة كانت تزداد مشاعر القلق. لم يكن هناك صوت سوى تلاطم خفيف للماء. حتى البعوض لم يكن يزنّ في آذانهم. كانوا مرهقين، ومع ذلك لم يجدوا خيمتهم.


فجأة، عند حافة الماء، رأوا القارب. توقفوا ونظروا إليه بذهول، كان نفس القارب الأخضر الذي أبحروا فيه، وكان عليه نفس الرقعة التي عرفوها.


صرخ ستاس: "لا أفهم... هل هذا قاربنا؟ كيف وصل إلى هنا؟ كنا نسير للأمام!"


تجمد فوفا في مكانه. شعر بموجة من الرعب تجتاحه. لقد داروا حول المكان وعادوا إلى نقطة البداية. هذا ليس الشاطئ.


همس ستاس بصوت مرتجف: "إنه الجزيرة، فوفا! هل تسمعني؟"


جلس فوفا على صخرة كبيرة ووضع يديه على رأسه، وقال بتوتر: "كنا نتجه نحو الشاطئ، لكننا انتهينا على الجزيرة، أليس كذلك؟"


بدأ ستاس يبحث في حقيبته حتى وجد هاتفه المحمول، لكنه لم يكن يعمل. حاول تشغيله، ولكن لم يكن هناك أي استجابة.


قال ستاس بمرارة: "نحن عالقون هنا. مثل الصيادين، ومثل الفتى في الأسطورة. أعتقد أن روحه الغاضبة لا تزال هنا، وتجرّ الناس إلى الجزيرة لتنتقم."


لم يكن لدى فوفا إجابة على هذا التساؤل. كانوا خائفين، جائعين، والبرد يتسلل إلى أجسادهم. حاولوا إشعال النار، لكن الثقاب لم يشتعل، وأي لهب صغير كان ينطفئ فوراً، تاركاً خلفه خيطًا رفيعًا من الدخان الذي اختلط بالضباب. حتى الولّاعات لم تعمل.


قال فوفا: "كم تعتقد أننا هنا؟ هل اقترب الوقت من الظهيرة أو ربما المساء؟"


نظر ستاس إلى صديقه بتفاؤل، قائلاً: "إذا لم نخرج بحلول المساء، سيبدأون في البحث عنا. سيعثرون علينا، أليس كذلك؟"


وفي تلك اللحظة، سمعا صوتًا من خلفهما. كان هناك صوت تكسر أغصان وصدى خطوات. التفتا إلى الضباب الكثيف ولم يتمكنا من رؤية أي شيء، لكن الصوت كان يقترب.


همس فوفا: "ربما هم فرق الإنقاذ."


رد ستاس بتوتر: "وإذا لم يكونوا كذلك؟"


ازداد الصوت اقترابًا، وكان يشبه مجموعة من الناس تسير على أغصان يابسة، لكن لم يكن هناك أي إجابة من الجانب الآخر.


صرخ فوفا: "أين أنتم؟ نحن هنا!"


وفجأة ظهرت أشكال غامضة من خلال الضباب. توقفوا في مكانهم، وحدّقوا في تلك الأشكال التي كانت تبدو غير طبيعية. كانت مجرد ظلال تتحرك ببطء.


أمسك ستاس بيد فوفا بشدة، وجذبها قائلاً: "علينا العودة إلى القارب، الآن!"


صعد الأصدقاء بسرعة إلى القارب وبدأوا يجدفون بعيدًا عن الشاطئ. الأشكال الغامضة بدأت تقترب منهم. كانت تظللهم تلك الظلال المتشابكة التي بدت كأنها مصنوعة من الضباب. امتدت أيديهم نحو القارب، تحاول الإمساك به وجذبهم إلى الشاطئ مرة أخرى.


صرخ فوفا: "جدف! إلى أي مكان، فقط ابعد عن هنا!"


لكن الضباب والأيدي الغامضة لم تتركهم يرحلون بسهولة. كانت تمسك بالمجاديف وتحاول جذبهم إلى الجزيرة.


وفي لحظة من الأمل، صرخ ستاس: "انظر! الضباب يتلاشى!"


هذا أعطاهم دفعة من الطاقة، وبدأوا يجدفون بسرعة أكبر. ومع الوقت، بدأت الجزيرة والضباب يتلاشيان وراءهم، وظهر الشاطئ أمامهم بوضوح، حيث كان هناك أناس يرتدون سترات الإنقاذ.


***


قال رجل الإنقاذ وهو يلقي بطانية على فوفا: "نحن نبحث عنكم منذ ثلاثة أيام. أين كنتم؟"


رد ستاس وهو يشرب الشاي الساخن بشراهة: "كنا على الجزيرة... هل هناك شيء نأكله؟ فوفا، لماذا لا تتحدث؟ كل شيء على ما يرام الآن، لقد أنقذنا!"


قال فوفا بصوت متهدج: "لقد غبنا ثلاثة أيام، لكننا شعرنا وكأنها مجرد ساعات. كنا هناك في الصباح وعادنا في المساء. هل رأيتم الجزيرة؟ كانت مغطاة بالضباب، وكان هناك أشخاص... أو ربما لم يكونوا أشخاصاً. لقد حاولوا منعنا من الرحيل، وسحبوا القارب مجددًا نحو الجزيرة."


خفض رجل الإنقاذ صوته قائلاً: "لم يكن هناك ضباب. حتى أننا ذهبنا إلى الجزيرة ولم نجد أثرًا لكم أو للقارب. هل سمعتم الأسطورة عن الفتى؟ يبدو أنه لم يسمح لكم بالرحيل بسهولة. هناك الكثير من الأشخاص الذين فقدوا هناك... أكثر مما يمكنكم تخيله. ماذا سنفعل بهذه الجزيرة؟ ربما ينبغي علينا تدميرها."


غطى فوفا وجهه بيديه، وهو يشعر بآثار تلك التجربة الغامضة والمخيفة التي لم يستطع التخلص منها. لماذا أُطلق سراحهم في النهاية؟ ربما لم تستطع الأرواح مواجهة الرغبة الشديدة للبقاء على قيد الحياة. أو ربما كانت رسالة، لتحذير الجميع من الاقتراب من الجزيرة، كي لا يزعجوا الأرواح الضائعة مرة أخرى.

المنشور التالي المنشور السابق